الصفحة الرئيسية    أرسل هذه الصفحة    عربي  |  English         
Newsletter > عدد 09-01 > 'الحزمة العريضة' - منافع اقتصادية كثيرة وتحدّيات تستوجب المواجهة
[ إطبع ] [    أرسل ] T | T
'الحزمة العريضة' - منافع اقتصادية كثيرة وتحدّيات تستوجب المواجهة
ما هي "الحزمة العريضة"؟
إنطلاقها في لبنان
منافع انتشار الحزمة العريضة
قدرات لبنان الحالية
دور "الهيئة المنظمة للاتصالات"
حملة "المانيفستو"

إختارت "الهيئة المنظمة للاتصالات" أن تكون "الحزمة العريضة" (Broadband) عنواناً لملف نشرتها الإخبارية الفصلية الثانية هذه، بعد نشرتها الإخبارية الفصلية الأولى، والتي تناولت مشكلة التشويش على شبكات الهاتف الخلوي بأهمّ جوانبها.

ويأتي هذا الاختيار مع الاهتمام المتنامي بتطوير خدمات الاتصالات العالية السرعة على المستوى الوطني في كافة أرجاء لبنان، لما لذلك من أهمية كبرى في التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة، وخصوصاً بعد أن أصبح إطلاق مزايدة خدمات "الحزمة العريضة" أمراً متوقّعاً خلال أشهر قليلة.

فما هي "الحزمة العريضة"؟ وكيف يجري إطلاقها في لبنان؟ وما هي منافعها الاقتصادية، لا سيما على مستوى المجتمع والشركات والحكومة الإلكترونية والسياحة والتعليم والصحة والترفيه؟ ثم هل يعتبر لبنان مستعدّاً لتوفير خدمات "الحزمة العريضة"؟ وما دور "الهيئة المنظمة للاتصالات" في تشجيع انتشارها؟

ما هي "الحزمة العريضة"؟

تُعدّ "الحزمة العريضة" من أكثر أنظمة الاتصالات تطوراً في العالم وأكثرها قدرةً على تأمين إرسال سريع جداً للخدمات، مثل المعلومات والصوت والفيديو، عن طريق شبكة الإنترنت، فضلاً عن شبكات وتقنيات بثّ أخرى. ويتم ذلك بواسطة سلسلة واسعة من التقنيات، ومنها:
  • جميع أنواع خطوط المشتركين الرقمية.
  • كابلات الألياف البصرية.
  • الكابلات المتحدة المحور.
  • التقنيات اللاسلكية المختلفة.
  • الأقمار الاصطناعية.
في ظل توافر خدمات "الحزمة العريضة"، يستطيع الناس تخفيض تكاليف معيشتهم بالإجمال على نحوٍ تدريجي، لأن خدمات الإنترنت بدأت تحلّ بديلاً من خدمات أخرى، نتيجةً لتميّزها بالدينامية وأبعاد مختلفة، ودمجها وسائل الإعلام المتنوعة في وسيلة واحدة.

وتسمح "الحزمة العريضة" لمستخدِميها بإرسال ما يتعدّى الرسائل النصّية في البريد الإلكتروني، لأنها تتيح تبادلاً سريعاً لكميات كبيرة من المعلومات وردود الفعل والنصوص الملصقة والصور والرسوم البيانية والصوت والرسائل الآنية في آن معاً.

ومع خدمات "الحزمة العريضة"، يصبح التواصل متاحاً طوال اليوم على مدار السنة، محققاً اندماجاً قوياً للإنترنت في الحياة اليومية. أما قابلية الاتصال فتكون قائمة فور ورود الفكرة، فلا حاجة للانتظار للدخول إلى الشبكات وولوج الإنترنت عن طريق خط الهاتف.

كما أنه بعد انتفاء الحاجة لتكبّد عناء الارتباط بالشبكة، باعتبار أن الخدمة متوافرة دوماً، باتت الإنترنت تتيح تنوّعاً أكبر لأشكال أخرى من التواصل.

إنطلاقها في لبنان

بدأ انتشار "الحزمة العريضة" في لبنان مع إطلاق خدمة "خط الإنترنت الرقمي السريع" (ADSL) في أيار 2007، عبر فصل الحلقة المحلية النحاسية لخطوط الشبكة الثابتة في وزارة الاتصالات (Local Loop Unbundling).

تدرك "الهيئة المنظمة للاتصالات" أن عملية فصل هذه الحلقة المحلية معقدة وتستغرق وقتاً طويلاً، لكنها تعلم، أيضاً، أن وزارة الاتصالات، عبر هيئة "أوجيرو"، قد حققت خطوات واسعة في هذا الإطار.

فقد بدأ تقديم خدمات "خط الإنترنت الرقمي السريع" على "الحزمة العريضة" في منتصف عام 2007، وناهزت نسبة اختراقها 7,7% لعدد المساكن في نهاية عام 2008، والذي حققت وزارة الاتصالات خلال فصله الأخير توسّعاً في تغطية مراكز ومقاسم الشبكة الثابتة من أجل توسيع قاعدة المشتركين في خدمة الإنترنت الرقمي السريع، بحيث وصلت الخدمة إلى 45 مركزاً في لبنان من أصل 380.

غير أن لبنان لا يزال متأخراً مقارنة مع دول المنطقة في اعتماد خدمات "الحزمة العريضة"، إذ لا يُقارَن معدّل السعر المعروض محلياً بمستوى الأسعار المعروفة لخدمات اتصالات حقيقية قائمة على هذه "الحزمة العريضة". ونظراً للنقص في السعات الدولية، وللسقف الاصطناعي الموضوع من قبل مقدّمي الخدمات على سرعة الخطوط، لا يستفيد المستخدمون في الوحدات السكنية من "الحزمة العريضة" في ساعات الذروة، كما لا يزال المستخدمون في الشركات على معاناتهم من الارتفاع الكبير في الأسعار بالنسبة لاحتياجات مؤسساتهم.

أجرت الهيئة المنظمة "دراسة تحليلية للسوق، وقد أظهرت، إلى جانب الشكاوى التي استلمتها الهيئة من القطاع الخاص، والمقابلات التي أُجريت خلال المسح الميداني، أن سوق الإنترنت الرقمي السريع لا تزال متأخرة من حيث السعة والخدمات المقدّمة والأسعار، مقارنةً مع احتياجات المستهلكين والشركات.

إن جميع العروض المتاحة في السوق للمواطنين هي اليوم محدودة بسرعة تقل عن اثنين ميغابيت في الثانية. ولا ينبغي أن تـُستخدم عبارة "الحزمة العريضة" على نحو فضفاض بعد اليوم عندما يتعلق الأمر بسرعات توصيل شبكي بهذا المستوى. إذ يجب في لبنان تأمين خدمات بأسعار أرخص ونطاقات تصل إلى 100 ميغابيت في الثانية للمواطنين والشركات، وترتفع إلى جيغابيت واحدة في الثانية للشركات التي تطلبها.

منافع انتشار الحزمة العريضة

إن لاستخدام "الحزمة العريضة" على نحو فعّال تأثيراً كبيراً في تحفيز إنتاجية الشركات والحكومات. وسيكون لنشر خدمات هذه الحزمة في لبنان أثر إيجابي في نمو الشركات والإنتاجية والكفاءة، من خلال تعزيز الابتكار المحلي وتسهيل الاندماج في العولمة.

ذلك أن الشركات المتوسطة الحجم المرتبطة بشبكة الإنترنت بخطوط تفوق سرعتها 2 ميغابيت في الثانية، سيرتفع معدّل إنتاجيتها بنسبة 4% عن إنتاجية الشركات المرتبطة بشبكة الإنترنت بخطوط ذات سرعات ربط أدنى1.

وقد انتهت دراسات تحليلية أُجريت في 15 بلداً من دول الاتحاد الأوروبي2، إلى أن 70% من اختراق "الحزمة العريضة" المنزلية للأسَر يسهم بنموٍ نسبته 1% من الناتج المحلي المجمل، في حين أن اختراقاً نسبته 90% يسهم بنسبة 1,6% من هذا الناتج.

وبالنظر إلى معدّل الاختراق المتدني جداً في لبنان حالياً، تتوقع الهيئة المنظمة أن يكون للاعتماد السريع لخدمات "الحزمة العريضة" تأثيراً أكبر بكثير من الذي شهدته الأسواق الناضجة في الدول المتقدمة على مستوى التوظيف. حيث أن كل 1% زيادة في معدّل انتشار الحزمة يوازيه ارتفاع في معدّل التوظيف بنسبة 0,2% إلى 0,3% سنوياً. وبحلول عام 2017، وبعد تحرير خدمات هذه الحزمة، من المتوقع أن ينمو حجم العمالة نحو 54 ألف وظيفة جديدة على مدى 10 سنوات.

في جانب آخر، تظهر التجارب الرائدة والدراسات المتوفرة 3 أثراً إيجابياً لانتشار "الحزمة العريضة" في استحداث فرص عمل في القطاعات ذات الصلة بنشاط الأعمال، بالرغم من صعوبة قياس هذا التأثير.

وقد أثبتت خدمات "الحزمة العريضة" منافعها في كثير من الميادين والقطاعات، مثل:

أولاً، التعليم

باستخدام التواصل على حيّز التردّدات الضيّق فقط، يستحيل اعتماد برامج فعّال للتعليم الإلكتروني، والذي تشمل متطلباته وصولاً إلكترونياً متزايداً ومرونةً أكبر، لا سيما أن الناس لم تعد بعد اليوم مرتبطة لا بقيود الوقت ولا بالتعليم ضمن موقع جغرافي محدّد. فقد أصبح التعليم أمراً يتماشى مع راحة المرء.

وباستطاعة المؤسسات التعليمية توفير 50% إلى 70% من التكاليف عندما تعتمد التلقين الإلكتروني بدلاً من التدريب المباشر. فهي تتخلّص من المصاريف التي تنتج من جمع المعلمين والطلاب معاً في المكان عينه.

ثانياً، الصحة

مع إمكانية الوصول بسهولة عبر شبكة الإنترنت إلى المعلومات الصحية والطبية، بإمكان المرضى تعلّم مراقبة الإشارات الحيوية وتقييم العوارض التي تصيبهم. وتنخفض وتيرة زياراتهم إلى الأطباء والمستشفيات، لأن المعلومات تصلهم عبر الإنترنت. كما أن التشخيص والاستشارة والمراقبة ممكنة من بعد، فيما تقلّ فترة البقاء في المستشفى وتتقلّص النفقات وحالات الانزعاج.

والمطلوب اتصالات شبكية عالية السرعة من أجل الخدمات المتلفزة المرتبطة بالاستشارة والأشعّة التقليدية والأشعّة ما فوق الصوتية. ويُضاف إلى ذلك أن خدمات الطب المتلفز تستلزم وحدات عرض فيديو، وأنظمة حاسوب للمحاضرات المتلفزة والفيديوية، وأنظمة تخزين وإعادة ارسال المعلومات الطبية، وأنظمة المراقبة المتلفزة لمتابعة أوضاع المرضى من بعد.

إن كافة هذه الخدمات بحاجة إلى سرعات إنترنت تفوق مستوى السرعة المتوافر في نظام الهاتف الثابت البالغ 56 كيلوبايت في الثانية حدّاً أقصى.

ثالثاً، المجتمع

تؤمّن شبكات "الحزمة العريضة" خدمات إنترنت من الصعب توفيرها على خطوط الهاتف الثابت، فهي تمدّ المناطق الريفية بمصادر المعلومات ووسائل الراحة التي تتمتع بها المناطق المأهولة عموماً. وبذلك تُتاح إمكانية الوصول إلى مجموعة من الخدمات مثل خدمات الصحة الإلكترونية، والتجارة الإلكترونية، والصيرفة، والتعليم عبر شبكة الإنترنت.

ومن شأن ذلك تحفيز الفعالية الذاتية للمجتمع على المستوى الاقتصادي، فضلاً عن تقليص الهوّة الاجتماعية والاقتصادية بين الأغنياء والفقراء، والتي تعود جزئياً الى اختلاف قدرات الوصول إلى خدمات التواصل والمعلومات الضرورية من أجل الانخراط في الاقتصاد الحديث وتقليص هذه الفجوة.

وكلما اتسع نطاق الارتباط بخدمات "الحزمة العريضة"، تتلاشى الحدود الجغرافية. ومن المحتمل أن يقيم مستخدمو الإنترنت شبكة علاقات أكثر اتساعاً، وأن يتمتعوا بكفاءة اتصال أعلى مع بقية الأفراد في المجتمع الواحد.

وبفضل تأمين هذه الخدمة، يكون من الأيسر والأوفر بالنسبة إلى المغتربين البقاء على تواصل مع المقيمين في الوطن، بعدما أصبح استخدام البريد الإلكتروني أكثر انتشاراً من استخدام الهاتف والفاكس.

كما بات التواصل يتمّ مع الناس مباشرة بدلاً من الأماكن التي يتواجدون فيها، فلم تعُد روابط العمل والمجتمع مقتصرة على أماكن معيّنة، بل أضحت تشمل الأشخاص أنفسهم في أي مكان حول العالم.

وبالرغم من وجود رؤى متباينة، يبدو أن شبكة الإنترنت تشكّل إضافةً بالنسبة إلى أسلوبيّ الاتصال الوجاهي والهاتفي، ولا تنتقص منهما. فهي تملأ أوقات فراغ الناس، وتبقيهم على تواصل مستمر.

رابعاً، بيئة الأعمال

إن الشركات المنتجة للسلع، مثل الحواسيب وتجهيزات الشبكات والأجهزة الأكثر قدرة على تخزين المعلومات واسترجاعها، وما يتصل بكل ذلك من آليات، قد تجني منافع إضافية من خلال توليد خدمات "الحزمة العريضة" طلباً أكبر على الأجهزة التي تنتجها.

ومن بعض أوجه الاستفادة الأخرى من الأعمال الإلكترونية، الحصول على فعالية تشغيلية أفضل، وإرضاء المستهلكين، وإدارة أكثر تأثيراً، وتكاليف أدنى وعائدات أكبر. ويصبح التوصل إلى فرص جديدة للعمل خارج المجال الجغرافي للمنتجين أمراً ممكناً، بفضل تأمين الحزمة التي تسمح بتوفير تقنية التواصل والتسلم والإرسال والتوزيع. وتستطيع الشركات، إذاً، إستحداث وإيجاد أسواق جديدة.

ومن نتائج هذه الخدمات إيجاد بيئة تواصل أفضل بين الإدارة والموظف. حيث تصبح المعلومات الآنية متوافرة، لأن الوصول إلى الموظف أصبح ممكناً من خلال اللوائح الإلكترونية والبريد الإلكتروني والتواصل المباشر عبر الفيديو. وهكذا، تستجيب الشركات للزملاء والمستهلكين على نحو أفضل توقيتاً وثقةً.

لقد خلصت الدراسات إلى أن التواصل الإلكتروني يؤدي إلى إنتاجية أكبر وجودة أعلى على مستوى القوة العاملة، حيث يتمكّن الموظفون من القيام بواجباتهم من المنزل أو من مكان آخر غير المكتب، باستخدام تقنيات الاتصال والحواسيب. وقد تزيد إنتاجية الموظفين حتى 50%، بحسب دراسة أعّدتها شركة "أي.بي.أم كندا". وبهذه الطريقة، تُختَصَر مساحة المكتب لقليل من الموظفين الذي يحتاج إليهم العمل.

وقد استطاعت شركة "أي.تي أند تي" توفير 550 مليون دولار أميركي بتخلّصها من المساحات المكتبية التي لا تحتاج إليها، فضلا عن أن خدمة الاتصال خفّضت نسبة الغياب بنسبة 20%.

ويمكن تخفيض ما بين 10% و50% من التكلفة، عندما تُستخدم وظائف خدمة الزبائن عبر الشبكة. وقد جرى توفير 10 ملايين دولار أميركي عندما سمحت شركة "فيدرال إكسبرس" لزبائنها بمتابعة مسار طرودهم مباشرة عبر الإنترنت بدلاً من التواصل هاتفياً.

خامساً، الحكومة الإلكترونية

نتيجةً لانتشار "الحزمة العريضة"، تصل إلى الناس آراء مختلفة ويمكنهم مناقشة القضايا التي تهمّهم، بما يتيح أيضاً، مجالات التفاهم والتسامح. وتقلّص طبيعة الإنترنت الترابطية احتمال الاكتفاء برأي طرف واحد فحسب.

وتمكّن "الحزمة العريضة" من إرسال أخبار الأحداث السياسية إلكترونياً لحظة حصولها، بفضل خدمات الفيديو والصوت والرسائل القصيرة. وفي ضوء توافر المعلومات وسهولة اختيار وسائل الربط نتيجةً لاستعمال خدمات هذه الحزمة، يصبح الناس أكثر وعياً، وتُتاح أمامهم فرص أكبر للانخراط في الحكم على الصعيدين الوطني والمحلّي، إضافةً إلى فرص التعبير عن حاجاتهم وآرائهم.

فبدلاً من تعطيل يوم عمل وركوب السيارة والتوجه إلى الإدارة الحكومية المحليّة، يستطيع المرء إرسال المعلومات ومناقشتها من خلال الإنترنت، على نحو يحاكي التواصل المباشر إلى حد كبير. إن المواطنية الإلكترونية تسرّع عملية الاتصال عندما يتمكّن الشخص، مثلاً، من طلب متابعة مناقشات البرلمان وأن يعلَم بها عبر الشبكة. وقد تكون الأصداء بشأنها إيجابية.

كما أن تحسين الفعالية هو أحد منافع التحول إلى الحكومة الإلكترونية عبر تطبيق خدمات الحزمة العريضة عملياً. أما مجالات الخدمات المتوافرة في هذا السياق، فهي التجارة والتنمية الاقتصادية والتشريع والهبات/ القروض وإدارة الأصول.

ويمكن أيضاً تقليص حجم القطاع العام وتخفيض التكاليف كثيراً، إذ أن عدداً أقل من الموظفين يصبح ضرورياً بغية تقديم الخدمات جرّاء استخدام الإنترنت، إضافةً إلى أن مشاركة المعلومات وتوحيدها على عدة مستويات ومواقع يصبح أكثر سهولةً بالنسبة إلى الحكومة، فتنتفي الحاجة للتعامل مع الزمن والتكلفة الضروريين لإنتاج وتوزيع وتسليم النماذج المطبوعة.

وثمة قدرة، كذلك، على إنهاء حالات تأخير المعاملات، ورفع مستوى ارتياح الموظف وقدرته العملية، وتخفيض التكاليف، والارتقاء بمستوى خدمات إدارة الحكومة المركزية.

سادساً، السياحة

تُُعدّ السياحة من القطاعات الرئيسية في لبنان. وقد يعود تقديم خدمات "الحزمة العريضة" عليه بمنافع كثيرة. فالقدرة على ترويج مواقع الاستقطاب المحلية والتاريخية، تمكّن البلد من اجتذاب المزيد من الحشود السياحية والحجوزات الإلكترونية.

وحديثاً، بات الناس يخطّطون لعطلهم على شبكة الإنترنت. ومع توافر الاتصالات المتطوّرة، أصبح من الممكن التخطيط للرحلات بمنهجية دقيقة. إذ بمقدور الزائرين أن يحدّدوا مواقع لم يسبق لهم أن تعرّفوا عليها، وبإمكان الحرفيين ورجال الأعمال بيع المنتجات التي كانت مقتصرة على زائري الصُدفة.

باختصار، تتنامى القدرة الاقتصادية الكامنة إلى حد كبير، نتيجة رفع مستوى التوعية والتنظيم وتفعيل قدرة الوصول إلى خدمات هذا القطاع.

سابعاً، الترفيه

مع لجوء الناس إلى تمضية المزيد من الوقت على وسائل الترفيه والإعلام، تتيح "الحزمة العريضة" وسائل إعلام وخدمات تسلية جديدة، مثل الموسيقى العالية الجودة، ألعاب الفيديو التفاعلية المتعدّدة الأدوات، والأفلام الرقمية. وبهذا يكون قد طرأ تحسين مهمّ على جودة الصوت والفيديو عبر الإنترنت.

كما يمكن بيع الألعاب والأفلام والكتب عبر الشبكة، فضلاً عن تقديم خدمة التلفزيون الرقمي.

قدرات لبنان الحالية

لكن، هل يُعتبر لبنان مستعداً للانتقال من تطبيقات الإنترنت التقليدية إلى خدمات الاتصالات المتطورة؟

مع أن "الهيئة المنظمة للاتصالات" ترى في إطلاق خدمة "خط الإنترنت الرقمي السريع" خطوة إلى الأمام بالنسبة لقطاع الاتصالات اللبناني، فهي لا تتبنى الرأي القائل إن الوضع الراهن مناسب لانتشار خدمات "الحزمة العريضة" سريعاً، كما أنه لا يصب في مصلحة قطاع الاتصالات على الأمد الطويل، ما لم تتوافر شروط المنافسة النزيهة والمفتوحة في السوق.

وقد حدّدت الهيئة عوامل عدّة تعتبرها مناوئة للتطوّر العاجل لخدمات "الحزمة العريضة" في لبنان، ومنها:
  • القدرة الاستيعابية المحدودة دولياً، إلى جانب "الحزمة العريضة" المحدودة محلياً.
  • تسعير خدمات "الحزمة العريضة" دولياً، وتسعير خدمات الحلقة المحلية المفصولة.
  • غياب التدابير المُفصّلة المدوّنة والمتفق عليها مُسبقاً، للتعامل مع طلبات مقدّمي خدمات نقل المعلومات، والمنسوب المرتفع من التعسّف الذي تتّسم بها الإجراءات الراهنة.
يفتقر لبنان في الوقت الحاضر إلى شبكة أساسية رقمية وطنية لتبادل المعلومات، وإلى سعات دولية متطورة تربطه بشبكة الإنترنت العالمية وتصله ببقية العالم، فهو يفتقر إلى وجود البنية التحتية التي تسمح له بتوفير خدمات "الحزمة العريضة" الحقيقية. ويكمن السبب في:

ـ أن لبنان لا يملك شبكة أساسية رقمية على مساحة الوطن لتبادل المعلومات (وتسمى أيضاً شبكة بروتوكول الإنترنت الأساسية أو العمود الفقري (Backbone) لهذا البروتوكول)، علماً أن البيانات لا تزال تُنقل حتى اليوم عبر شبكة الهاتف الثابتة الموجودة.

ـ أن السعة الدولية محدودة جداّ، إذ تملك وزارة الاتصالات الحق الحصري في إنشاء معابر الاتصال الدولية وحركة النقل الدولية.

ـ لا توجد منافسة حقيقية في سوق "الحزمة العريضة" في لبنان. بحيث تتقاسم هيئة "أوجيرو" وبعض الشركات الخاصة، أو "مقدّمو خدمات المعلومات" (DSPs) السوق في بيئة تتّسم بالركود والأمر الواقع. في حين أن أسواق الاتصالات قد حُرّرت وفُتحت للمنافسة في معظم دول العالم.

ـ أن المطلوب في مشاريع البُنى التحتية من أشغال الطرق العامة أن تلحظ تركيب المسالك والقنوات لشبكات الألياف البصرية الجديدة. ومن خلال دعم الحكومة والسماح بالدخول إلى الملك العام، سيكون القطاع الخاص قادراً على استخدام البنية التحتية من الأملاك العامّة وخفض تكاليف الاستثمار (الوصول إلى المسالك والإعداد لإنشاء المباني الجديدة).

وفي بلد مثل لبنان، حيث موارد الحكومة محدودة، من الأفضل أن تستخدم القوة التسويقية بأقصى حدود ممكنة، عن طريق تحرير السوق وفتحه أمام المنافسة العادلة والشفافة في أقرب وقت ممكن. ويمكن لاستثمارات القطاع الخاص أن تجلب للبنان خدمات "الحزمة العريضة" بسرعة من دون إثقال كاهل خزينة الدولة.

وسوف يتطلب تطوير البنية التحتية لخدمات "الحزمة العريضة" استثمارات ضخمة تصل إلى مئات ملايين الدولارات (التي تشكل تكلفة الأشغال المدنية 70% من تكاليفها المجملة). وستتوقف المبالغ التي تستثمر على السياسة التي تعتمدها الحكومة حول ما إذا كانت ستشرك القطاع الخاص أم لا في بنيتها التحتية القائمة. كما تعتمد المبالغ المقدّرة على اختيار المعدات وشروط البدء في التنفيذ.

دور "الهيئة المنظمة للاتصالات"

هنا، يطرح السؤال نفسه: ما هو دور "الهيئة المنظمة للاتصالات" في تشجيع انتشار خدمات "الحزمة العريضة"؟ والجواب مباشرة يكمن في وضع الهيئة برنامجاً متكاملاً لتحرير القطاع؛ وقد جاءت توصيات مؤتمر الاغتراب لتؤكّد على هذا البرنامج.

أدركت الهيئة المنظمة أن تطوير خدمات "الحزمة العريضة" يُشكّل حافزًا رئيسيًا للنمو الاقتصادي وعملية التنمية، باعتبار أنه يؤمّن سبُلاً حديثةً للتواصل والعمل والتعلّم والإبداع وإدارة الشركات والترفيه.

ويُعدّ هذا النطاق غاية في الأهمية في المناطق الريفية على نحوٍ خاص، باعتباره وسيلة لاختصار المسافات التي قد تفصل بين المجموعات والقرى المختلفة. ولذلك، تنحو الهيئة المنظمة للإتصالات باتجاه تشجيع انتشار إمكانيات الإتصالات المتطورة سريعاً بين كل اللبنانيين، بما يمنح شرائح من المواطنين قدرة تنافسية على المستوى المحلّي كما والدولي.

أما أهداف الهيئة المنظمة، في هذا السياق، فهي:
  • تسريع انتشار تقنيات "الحزمة العريضة"، وتكبير مروحة استخدامها، ويتضمّن ذلك أي (أو كل) برنامج قادر على إرسال الخدمات المكثّفة عن طريق سعات عالية السرعة.
  • تأمين إطار تنظيمي عادل بين المتنافسين على تقديم خدمات هذه الحزمة.
  • تشجيع وتسهيل قيام بيئة تحفّز الابتكار والإبداع والاستثمار في مجال تقنيات وخدمات "الحزمة العريضة".
وتؤمن الهيئة المنظمة بأن سوقاً مخصخصة ومنظّمة على نحو مدروس من شأنها أن ترفع مستوى التنافس وتلبي احتياجات المستهلكين وتطلعاتهم. وقد أعدّت لهذا الغرض مسودّة سياسة الحزمة العريضة، وقدّمتها إلى معالي وزير الاتصالات في آب 2008 للمناقشة.

باشرت الهيئة بمشروع "الإستراتيجية الوطنية للحزمة العريضة"، بمساعدة برنامج "الشراكة من أجل لبنان". ومن شأن الخطة توفير أقنية تواصل بسرعات عالية، تتيح للمواطنين اللبنانيين إمكانية الحصول بشكل أسرع على المعلومات، وتغيير طريقة عيشهم.

في كانون الثاني 2008، نظّمت الهيئة، بالتعاون مع "الشراكة من أجل لبنان"، ورشة عمل حول "الحزمة العريضة"، جمعت فيها الأفرقاء الرئيسيين، وناقشت رؤيتها لتحرير السوق. وقد نوقشت خلال الورشة خطة التحرير الأولية على أساس النموذج الذي طوّرته شركة "سيسكو".

وفي آب 2008، قدمت الهيئة إلى معالي وزير الاتصالات مسودّة سياسة "الحزمة العريضة" والتي تقوم على تأسيس بنى تحتية حقيقية مبنية على المنافسة في سوق "الحزمة العريضة"، من خلال منح رخصتي "حزمة عريضة وطنية" (إضافة إلى "ليبان تيليكوم") عبر مزايدة عالمية، لإنشاء شبكات رئيسية وفرعية وشبكات وصول، إضافةً إلى معبر اتصال دولي. وفي خطتها للتحرير، تعتزم الهيئة فتح سوق الوصول عبر "الحزمة العريضة" (ضمن التوافر المادي لحيّز التردّدات).

وكخطوة أولية في خطة الهيئة للإصلاح وتحريرالقطاع، وتطبيقاً للمادة 48 من قانون الاتصالات رقم 431/2002، مُنح مقدّمو خدمات الإنترنت ونقل المعلومات الموجودون، في 4 نيسان 2008، تراخيص مؤقتة، انتهت صلاحيتها في 31 كانون الأول 2008، وقد مدّدت الهيئة مؤخراً صلاحيات هذه التراخيص لغاية آخر كانون الأول 2009.

وعلى مدى عام، قامت الهيئة بعمل كبير، تحضيراً لتحرير هذه السوق. فقد أعدت، بمساعدة مستشاريها، مسودّة "تراخيص الحزمة العريضة الوطنية"، فضلاً عن المتطلبات التقنية اللازمة لها و"تراخيص الوصول عبر الحزمة العريضة".

وقد حُدّدت متطلبات التغطية بحدّها الأدنى باعتماد برنامج محاكات تم تطويره لهذا الغرض، يأخذ بعين الاعتبار سيناريوهات مختلفة تعتمد على المستوى المتوقع للاختراق، وعدد الشركات المرخص لها... إلخ. وسوف تُحدّد المتطلبات النهائية للتغطية في التراخيص، والتي يمكن أن تشمل موجبات إضافية غير تلك الناتجة من استعمال هذا البرنامج.

كما شرعت الهيئة بالتحضير لتصميم المزايدة وقواعدها، آخذة بعين الاعتبار حسنات وسيئات إجراء مزايدة بجولة واحدة مقابل جولات متتالية. كما نوقشت مسائل التوقيت والأولوية لكل نوع من أنواع التراخيص التي سوف تشملها المزايدة.

يتوقف نجاح عملية تحرير "الحزمة العريضة" على إصدار المراسيم المتعلقة بحقوق المرور والدخول إلى البنى التحتية المتوافرة، بما فيها تلك التابعة لوزارة الاتصالات. وتعدّ الهيئة مسودّات هذه المراسيم لتقديمها إلى معالي وزير الاتصالات في الفصل الأول من عام 2009.

كما تنكبّ الهيئة على إعداد نظام مشاركة البنى التحتية، الذي سوف يتيح المشاركة فيها بين مقدّمي الخدمات ذوي القوّة التسويقية المهمّة.

ومن ركائز تحرير "الحزمة العريضة" إعادة توزيع وإدارة حيّز التردّدات، وقد أصدرت الهيئة للاستشارات العامة في تشرين الأول 2008 خطة إعادة توزيع وتوضيب حيّز الترددات. ذلك أن التوزيع الحالي للحيّز لا يتماشى مع المعايير الدولية، وهو يحّد من المنافسة وإدخال التكنولوجيات الجديدة وتطوير السوق، كما أنه لا يعكس القيمة الحقيقية لهذا المورد النادر.

والغاية من هذا المشروع هي:
  • إستيعاب ازدياد المنافسة والنمو المستقبلي.
  • تحسين مردود الجمهورية اللبنانية من استخدام الحيّز.
  • الاستخدام الأمثل للحيّز.
  • إعادة مواءمة التوزيع الحالي مع ما حدّده "الاتحاد الدولي للاتصالات" ومع التقدّم التكنولوجي.
حملة "المانيفستو"

جرى إطلاق "مانيفستو الحزمة العريضة" بمبادرة من القطاع الخاص، وهي عبارة عن طلب التماس موجّه إلى الحكومة كي تسهّل اتخاذ التدابير الضروروية لتسريع تنفيذ وتطوير خدمات "الحزمة العريضة" في لبنان. وذلك تماشياً مع أولوية "الهيئة المنظمة للاتصالات" واستراتيجيتها، بما يفسر دعم الهيئة لهذه المبادرة وموافقتها عليها.

للاطلاع على نص حملة "المانيفستو" اضغط هنا
للمزيد من المعلومات " اضغط هنا

1Broadband Stakeholder Group (UK); New Zealand National Broadband Strategy, the Scottish Executive
2Broadband Stakeholder Group (UK); New Zealand National Broadband Strategy, the Scottish Executive
3OECD, Broadband and the Economy, June 2008

 
تابعونا على
     
 
 
2008 TRA. جميع الحقوق محفوظة.