الصفحة الرئيسية    أرسل هذه الصفحة    عربي  |  English         
إكتشف المزيد > عن حماية الأطفال > الاستغلال الجنسي للأطفال عبر الانترنت او 'بورنو الأطفال'
[ إطبع ] [    أرسل ] T | T
الاستغلال الجنسي للأطفال عبر الانترنت او 'بورنو الأطفال'
احدى أكثر جرائم المعلوماتية شيوعاً وأشدها تدميراً

قد يُنسي المتضرر من الجرائم المادية المختلفة الانواع والاشكال، تعويض ما عن العطل والضرر الذي لحق به، لكن ان تكون الجرائم معنوية، لا تكبّد بالضرورة المعتدى عليه خسائر مادية، انما تسبب له ما هو أخطر من ذلك، من أذى نفسي ومعنوي، الى عقد قد تستمر مدى الحياة، عندها يصبح التعويض عن الاضرار أكثر صعوبة، إن لم يكن مستحيلاً في حالات كثيرة. ويمكن اعتبار أنواع معينة من جرائم المعلوماتية معنوية، وأكثرها شيوعاً في العالم الحديث "بورنو الأطفالChild Pornography" او استغلال الاطفال جنسياً عبر الانترنت. وفي جولة على أبرز الأرقام التي كشفت عنها احصاءات عالمية متفرقة، يظهر جلياً انتشار تلك الجرائم عالمياً، حيث ان مئات الآلاف من المواقع الإباحية تعرض صور استغلال الأطفال، وفي كل أسبوع تضاف 20 ألف صورة لأطفال مع إيحاءات جنسية معينة، وهناك 9 من أصل 10 أطفال بين الثامنة والسادسة عشرة شاهدوا صوراً إباحية خلال تصفحهم الانترنت، مع الاشارة الى ان 66 في المئة من المواقع الاباحية لا تحذّر من عدم دخولها الا من البالغين، وحوالى 62 في المئة من الاهل لا يعلمون ان ابناءهم يشاهدون مواقع اباحية على الانترنت، وتزيد نسبة هؤلاء في الأوساط التي ترتفع فيها نسبة الأمية المعلوماتية. وغياب الاحصاءات الرسمية في لبنان المتعلقة بالاعتداء الجنسي على الاطفال عبر الانترنت، لا ينفي وجودها، فشبكة الانترنت التي يلجها عدد لا يستهان به من الأطفال يومياً، يعرّض كل طفل منهم للإعتداء او التحرش او الاستغلال... وهنا تكمن أهمية التوعية بالدرجة الأولى على مستوى الأهل والأولاد سوياً، ثم تشريع قوانين محلية خاصة بكل بلد لملاحقة المجرمين ووضع ضوابط لاستخدام الانترنت، الى جانب الاتفاقات الدولية والحملات التوعوية والمؤتمرات العالمية التي من شأنها تسليط الأضواء على تلك الجرائم وتحديد سبل الوقاية منها والتصدي لها.

ما هو بورنو الأطفال؟

يقصد بالاستغلال الجنسي للاطفال، تصوير أي طفل بأية وسيلة كانت، يمارس ممارسة حقيقية او بالمحاكاة أنشطة جنسية صريحة، أو اي تصوير للأعضاء الجنسية لإشباع الرغبة الجنسية أساساً، ويعتبر معتدياً، وإن بشكل غير مباشر، أي شخص يطالع صوراً إباحية للأطفال او يحتفظ بها. وعندما تنشر تلك الصور على الانترنت، تصحّ تسميتها "بورنو الاطفال". لكن كيف يحصل الاستغلال الجنسي للأطفال من خلال الشبكة العنكبوتية؟ بعدما شدّد على تزايد خطورة جرائم الاعتداء على الاطفال بعد ظهور الانترنت، لفت رئيس مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية في لبنان، الرائد المهندس إيلي بيطار، "الى ان عملية التحرش بالاطفال اصبحت سهلة جداً بعد انفتاح العالم على بعضه عبر شبكة الانترنت، مما مكّن المجرم من اختراق الحدود الجغرافية والانقضاض على فريسته، في حين كان الاعتداء الجنسي على الأطفال يتم في المحيط الذي يعيشون فيه. ويحصل "بورنو الأطفال" عندما تقوم مواقع إباحية على الانترنت ببثّ صور اطفال ضحايا الاعتداء الجنسي، أو بعرض صور فيديو لقاصرين أثناء تعرّضهم لاعتداء جنسي من بالغين". والمعتدون يشكلون شبكة، ويتعرفون الى بعضهم البعض ويتواصلون بغية تبادل الصور والافلام الاباحية. وأسباب ممارسة تلك الاعمال متعددة، منها الاقتصادي والاجتماعي والانساني. ويذكر بيطار دوافع عدة لارتكاب تلك الجرائم، " قد يكون استخدام هذه المواد ونشرها للإغراء او الفانتازيا والذكريات، أو للتباهي والتفاخر لإثبات القدرة على اجتذاب الأطفال، ويترجم ذلك بإقدام البعض على تصوير أنفسهم يمارسون الجنس مع أطفال ويقومون بعرض الصور على الانترنت، وقد يُقدم أحدهم على تلك الممارسات بدافع الهواية او الرغبة في تجميع الصور الاباحية". ومهما تكن الأسباب، يُلاحق عناصر الشرطة المجرمين عبر الانترنت "من خلال كشف الـ IP address الخاص بكل مستخدم، وفي حال كان المشتبه به مقيماً في بلد آخر يتم التبليغ عنه لشرطة بلده، او ينسق مكتبنا مع الانتربول ومؤسسات عالمية تعنى بمكافحة الجرائم العالية التقنية. وبما ان لبنان، كسائر البلدان، استخدام الانترنت فيه شائع، فقد تبلّغنا من الانتربول وجود عشرات الحالات التي تكشف الدخول الى مواقع إباحية للاطفال وتحميلها صوراً خاصة بأطفال، وفي هذه الحال، يتحرك المكتب وفق اشارة النيابة العامة التمييزية ويتعقب المجرمين على الأراضي اللبنانية". ولتفعيل عملية المكافحة، توحدت الجهود الدولية بين المؤسسات العامة والخاصة المعنية، وقامت منظمةInternational Center of Missing Exploitation Children الممولة من شركة "مايكروسوفت"، بوضع برامج خاصة في تصرف أجهزة الشرطة على امتداد دول العالم، من شأنها الكشف عن المجرمين بالاستناد الى قاعدة بيانات Data Base تحتوي على الكثير من الصور وافلام الفيديو والرسومات والكتابات تعرف ﺒ "بورنو الاطفال"، توزع عبر الشبكة العنكبوتية ويستخدمها مرتكبو جرائم الاعتداء على الاطفال في الفضاء السيبراني.

لا عقاب في لبنان

قبل عقد من الزمن، كان عدد مستخدمي الانترنت لا يتجاوز 182 مليون شخص، على مستوى العالم، معظمهم يعيشون في البلدان المتقدمة. وفي مطلع عام 2009، تجاوز عددهم 1.5 مليار شخص، موزعين على 600 مليون مستخدم في آسيا، و130 مليوناً في اميركا اللاتينية والكاريبي، و50 مليوناً في افريقيا. وان دلّ ذلك على شيء، فانه يؤكد الاخطار المتزايدة التي تهدد مستخدمي الانترنت، وخصوصاً منهم الاطفال، وتبلغ نسبة من يدخلون منهم غرف التحادث، كاﻠ MSN واﻠ FaceBook، ما يقارب 60 في المئة، وتشير استقصاءات دولية الى ان 3 من 4 اطفال على استعداد للادلاء بمعلومات شخصية عن أنفسهم وأفراد أسرهم لقاء خدمات وسلع، وان طفلاً من بين 5 يتعرض لمحاولات دنيئة من أشخاص ذوي ميول عدوانية او تحركهم شهوات غير طبيعية. وفي ظل الخطر الذي تعكسه تلك الارقام، تسعى الدول الى ايجاد الحلول وتعديل قوانينها لوضع حد للاعتداء على الاطفال عبر الانترنت، بينما يبقى لبنان متأخراً عن اللحاق بركب التطور العالمي في هذا الصدد، حيث لا تشريعات تجرّم المعتدي وتعاقبه، في حين تؤكد الدراسات ان 85 في المئة من الذين يحتفظون او يبحثون او يجمعون صوراً إباحية خاصة بالأطفال اعتدوا فعلياً على أطفال. وهنا يشير بيطار الى توقيف المكتب اشخاصاً "ثبُت قيامهم بأعمال منافية للحشمة مع أطفال، وحيازتهم مواد إباحية وصور وأفلام جنسية تتضمن صور أطفال، لكن القضاء اللبناني لم يجرّمهم لغياب التشريعات الخاصة، لذلك، وبجهد شخصي منا، قمنا باقتراح مادة قانونية تتعلق بحيازة والتقاط مواد اباحية عن الاطفال ونشرها، ونحن في انتظار إقرارها". والى جانب غياب القوانين التي تحدّ من الانتهاكات، تبرز مسألة أخرى تعوق الملاحقة بحسب بيطار، وهي "عدم تنظيم وضع الاتصالات بشكل عام، وخصوصاً الانترنت، اذ قبل كل شيء هناك ضرورة لحصر تقديم خدمة الانترنت بشركات مرخصة، وضرورة التزام مزودي خدمات الانترنت حفظ ملفات حركة المعلومات او اﻠ Log File الضرورية لحفظ المعلومات، والتي تمكّن من ملاحقة المعتدين وكشفهم، وقيام مركز موحد لاعتراض تبادل البيانات على الانترنت على غرار الدول المتقدمة، وهناك تعاون مشترك بين وزارتي الاتصالات والداخلية والبلديات في هذا الخصوص".

وعي وأمان

لأن الوعي هو اساس الاستخدام الآمن للانترنت، سيطلق مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية في وقت قريب موقعاً الكترونياً (www.isf.gov.lb/cybercrime)، وقد تناولته "النهار" في تحقيقات سابقة، يتضمن قسماً خاصاً بالتوعية التي تتوجه الى الاولاد الذين يبحرون عبر صفحات الانترنت وينتقلون من موقع الى آخر من دون معرفة الى اين سينتهي بهم المطاف، ومن دون التفكير في تأثيرات التعديات عليهم، والتي تتمثل بالشعور بالذنب وعقد ترافقهم فترات طويلة من حياتهم، والى الاهل الذين يجب ان يتابعوهم ويراقبوهم من بُعد بعد تزويدهم جملة نصائح تجنبهم الوقوع ضحايا المعتدين الذين يكونون عادة من مختلف المستويات والفئات العمرية الاجتماعية والثقافية، ووفق بعض الاحصاءات، فان 95 في المئة منهم من الرجال، والمعتدى عليهم يشكلون 70 في المئة من الفتيات في مقابل 30 في المئة من الفتيان. ويقول بيطار بعدم إمكان دخول الانترنت من دون ضوابط وحدود، "وعلى الاطفال والاولاد ان يعوا جيداً أهمية عدم الادلاء بمعلومات خاصة بهم او بأفراد عائلاتهم على الانترنت، وعدم مقابلة من يتعرفون اليهم من خلال الانترنت خارج المنزل اذا لم يكونوا موثوقين ومن دون صحبة الأهل، وأيضاً عدم الرد على أية رسالة مشبوهة، بالاضافة الى عدم عرض او ارسال صور خاصة بهم على الانترنت او إعطاء اﻠ Password الخاص بهم الى غير أهلهم، وعدم الدخول الى غير الأماكن التي يسمح الأهل بالدخول اليها". وعلى صعيد الأهل، وبعد تأكيد ضرورة اتباع ما سبق ذكره، ان يبقوا على اطلاع على كل ما يفعله أولادهم على الانترنت، "من خلال معرفة المواقع التي يزورها الاولاد في الفضاء السيبراني الشاسع، والعمل على ضبط الكومبيوتر الذي يستعمله اطفالهم عبر برامج حماية وأنظمة دخول معينة تمنع دخول مواقع اباحية او فاحشة، وغيرها من الامور الضرورية لضمان سلامة الاطفال وحمايتهم من اي اعتداء او استغلال".

مقاهي الانترنت

ويؤثّر عدم توافر مراقبة فاعلة للانترنت في لبنان من أجهزة الشرطة حتى اليوم، سلباً في الاطفال، وخصوصاً مع انتشار مقاهي الانترنت écyber caf التي يدخلها الاطفال ويختلطون فيها مع من هم أكبر سناً منهم، وبالتالي يلقون تشجيعاً على دخول مواقع اباحية لا تتلاءم وأعمارهم. وتشكل تلك المقاهي ايضاً مرتعاً لممارسة التعديات المختلفة على الاطفال، بسبب غياب قانون ينظم عملها كما في الخارج، وقد اقترح بيطار ترخيص مقاهي الانترنت من الهيئة المنظمة للاتصالات TRA، وتنظيم عملها، فيصبح كل زبون ملزماً ابراز هويته وتسجيل تاريخ دخول الانترنت واوقات استخدامها وتحديد الكومبيوتر الذي استخدمه، والتزام المقاهي حفظ اﻠ Log File لمعرفة المواقع التي دخل اليها الزبائن، ووضع لائحة تمنع الولوج الى مواقع اباحية، بالاضافة الى تخصيص عدد من الكومبيوترات للاولاد وتضمينها برامج حماية خاصة مثل Parental Control وغيرها.

Source: Layal Kiwan, Annahar Online, Computer and Internet, May 18th, 2009

 
تابعونا على
     
 
 
2008 TRA. جميع الحقوق محفوظة.